ما الذي جعلهم مميزين؟
عندما تفكر بالقادة الكبار في العالم، قد يخطر في بالك بعضا من الأسماء المشهورة، وتطرح في ذهنك التساؤلات التالي: ما الذي جعلهم مميزين؟ هل هناك سر لكي تصبح قائداً عظيماً؟ في الحقيقة، يمكن لأي شخص تقريباً أن يصبح قائداً عظيماً، والعديد من القادة العظماء بدأوا بدايات عادية ثم تعلموا الكيفية الصحيحة للقيادة.
من أجل مساعدتك على تطوير مهاراتك القيادية، سنشرح لك هنا كيف تصبح قائداً عظيماً، وسنبدأ بالسؤال التالي:
ما هو الفرق بين القائد (leader) والمدير (manager)؟
إن جميع القادة هم مدراء بشكل ما، ولكن ليس جميع المدراء قادة. في الحقيقة "المدير" هو عبارة عن لقب، أي هو مستوى هيكلي ضمن المنشأة، و "القائد" يتزعم و يقود الأشخاص الذين يتبعونه. تذكر أن الناس لا يستطيعون دائماً اختيار مديرهم، ولكنهم يستطيعون أن يقرروا من الذي سيتبعونه. الخطوة الأولى إذاً لكي تصبح قائداً عظيماً هي أن تفهم أن القيادة هي أكثر من مجرد منصب، يمكنك بعدها اتخاذ القرارات المناسبة لكي تصبح شخصاً يستحق الاتباع.
إن جميع القادة هم مدراء بشكل ما، ولكن ليس جميع المدراء قادة
مثل أي مهارة أخرى، تحتاج القدرة على القيادة الناجحة إلى البناء والتطوير. يمكن أن يشعر المدراء الجدد بأنهم غير متأكدين مما يجب أن يفعلوه، خاصة إذا لم يحصلوا على أي تدريب عن كيفية القيادة. لذلك، يمكن للمدراء الجدد، وحتى القادة الذين يملكون بعض الخبرة السابقة، أن يتبعوا التوجيهات التالية من أجل تحقيق القيادة الناجحة.
البدء من الداخل
يعمل القادة العظماء دائماً على إدارة ذاتهم، ولكي تدير ذاتك يجب عليك أولاً أن تعرف نفسك. يفهم القادة الجيدون ميزاتهم الخاصة، ويعرفون الجوانب التي يحتاجون فيها إلى التعلم والتطور. البداية الأفضل التي يمكن الانطلاق منها هي معرفة نقاط القوة ونقاط الضعف عن طريق المراقبة الذاتية وتحديد الكيفية التي تؤدي بها بالشكل الأفضل، كيف يمكنك التعلم؟ كيف يمكنك التواصل؟ هل أنت مستمع جيد أم كاتب أم تفضل التواصل عبر الأفعال؟ هل تفضل العمل مع مجموعات كبيرة أم صغيرة؟
تساعدك الإجابة على هذه الأسئلة على تحديد أسلوب القيادة الذي يناسب شخصيتك. إن فهم أسلوبك الخاص في القيادة هو أمر أساسي. ما هي نقاط قوتك؟ ما هي النقاط التي تحتاج إلى بعض التطوير؟ إحدى الطرق التي يمكنك البدء بها من أجل تقييم مهارتك هي الإجابة على استبيانات مثل الموجود في هذا الرابط https://www.verywellmind.com/whats-your-leadership-style-3866929 من أجل الحصول على فكرة عامة عن طريقتك في القيادة.
اعرف نقاط قوتك.. وضعفك أيضا
بعد الانتهاء من الاستبيان، يمكنك قراءة المواصفات الخاصة بأسلوبك في القيادة، وهل هذه المواصفات تساعد أم تضر قيادتك؟ بعد أن تحدد النقاط التي تحتاج بعض العمل، يمكنك أن تبدأ البحث عن طرق لتحسين قدراتك القيادية.
تحديد أولوية واضحة
حدد تماما أولويتك الرئيسية
لا يقوم الناس بالضرورة باتباع شخص، ولكن العديد منهم يفضلون العمل على مهمة محددة. من أجل أن تقود الأشخاص، يجب أن تملك هدفاً واضحاً وملموساً يستحق المتابعة. لذلك، الخطوة الأولى لكي تصبح قائداً ناجحاً هي أن تفهم ما هو هدفك الأساسي، أي ما هي أولويتك الرئيسية، وهي "أولوية" واحدة وليست "أولويات"، فالحقيقة هي أنه لا يمكن أن يكون لدينا أولويات متعددة، خاصة إذا كنت في موقع قيادة.
التعلم والتغيير
يستطيع المديرون الناجحون، في سعيهم إلى القيادة، تغيير طريقة تفكيرهم بالشكل المناسب لكي يستطيعوا قيادة الفريق وتحفيز الآخرين على النجاح. يكون هؤلاء القادة أكثر انفتاحاً وقدرة على التعلم من المدراء العاديين، ويكونون مندفعين للتعلم لأنه ممتع ومثير، وليس لأنه سيجلب لهم المكافآت والتقدير من الآخرين.
التعلم والتغيير للوصول إلى القيادة
تطوير مهارات القيادة و التواصل
يعمل القادة الفعالون على تطوير مجموعة من المهارات من أجل قيادة الفريق مثل: التواصل مع الآخرين بالطريقة التي يرغبون أن يتواصل الناس معهم بها، والتأثير على الآخرين بهدف دفع العمل قدماً وكسب الدعم لقراراتهم، وبناء وقيادة الفرق بشكل ناجح، وتطوير مهارات الآخرين عن طريق تكليفهم بمهام تشكل تحدياً لهم ومتابعتهم بشكل مستمر.
التأثير على الآخرين بهدف دفع العمل قدماً
"صديق" أم "رئيس" في العمل
رئيس و ليس صديق في بيئة العمل
يعاني القادة غير الفعالين في التحول من "صديق" إلى "رئيس" أثناء العمل لأنهم لا يستطيعون تحويل تركيزهم من العلاقات الشخصية إلى العلاقات مع فريقهم في العمل. إن توضيح الأدوار والمسؤوليات ومتابعة تقدم كل عضو في الفريق يسمح للمدراء الجدد بتطوير تماسك الفريق بنجاح. يجب على المدير أيضاً التعامل مع جميع أعضاء الفريق بشكل عادل وأن يتجنب المحسوبيات وتأثير العلاقات الشخصية لكي يحصل على توافق متبادل مع فريقه بالإضافة إلى احترامه وإعجابه.
التفويض لرفع قدرة الفريق
يقوم القادة الناجحون بتفويض المهام لأعضاء الفريق، وإعطائهم ملاحظات إيجابية وسلبية بشكل دائم من أجل مساعدتهم على تطوير أنفسهم. عندما لا تقوم بالتفويض فأنت ترسل رسالة بأنك لا تثق بفريقك لكي يقوم بالعمل، مما يؤدي إلى لامبالاة وتكاسل الأعضاء وشعورهم بعدم الكفاءة وتباطؤ الإنتاجية ومعاناة الشركة.
تفويض المهام لأعضاء فريقك
رؤية الصورة الكاملة
من الهام بالنسبة للقادة الجدد أن يقوموا بجمع المعلومات عن الموجودين حولهم: الأفكار والسلوك واحتياجات زملاء العمل والشركاء، كما يجب عليهم مراقبة الإنجازات الحاصلة في الفريق بشكل دائم حيث يبنى عليها القائد الكثير من سياساته في المنشأة. بالإضافة إلى ذلك، يحتاج القادة الجدد إلى تجاوز دائرتهم الحالية والحصول على معلومات جديدة من مجموعة مختلفة من الناس ضمن منشأتهم. إن النظرة الواسعة هي عامل هام في التطور نحو القيادة الناجحة.
النظرة الشاملة هي عامل هام في التطور نحو القيادة الناجحة
التركيز على ما هو صحيح وليس ما هو سهل
القائد يعمل ما هو صحيح وما هو أفضل لمنظمته ويعتمد ويشجع من يعمل لأجلهم. يقوم القادة الناجحون، بدلاً من التركيز على السهولة والمصلحة الشخصية، بتقييم أعمالهم بحسب تأثيرها على الفريق والمنظمة وكل من له علاقة بالعمل من المدراء وحتى الموظفين الصغار. إن تطوير النزاهة أمر أساسي، ويأتي مع الوقت والممارسة. يجب على المدراء الجدد ليصبحوا قادة وضع قواعد أخلاقية قوية يلتزمون بها، واتخاذ قراراتهم بناء عليها، خاصة في الأوضاع الصعبة، بدون أن يسمحوا للعلاقات والمنافع الشخصية أو ضغط الوقت أو المال أن تؤثر على أحكامهم.
وضع قواعد أخلاقية قوية يلتزم بها الجميع، ويتخذوا قراراتهم بناء عليها
تشجيع الإبداع
ثقافة التشجيع على الإبداع كأسلوب في القيادة
إن التحفيز الذهني الإبداعي هو أحد صفات القيادة، حيث يحتاج العاملون إلى التشجيع لتتطور إبداعاتهم. يجب على القادة الفعالين تقديم تحديات جديدة لأعضاء فريقهم، بحيث تكون ملائمة لإمكانياتهم، مع الدعم اللازم لتحقيق هذه الأهداف. يهدف هذا النوع من التدريب إلى تشجيع الأشخاص على توسيع حدودهم بدون أن يصابوا بالإحباط بسبب عوائق النجاح.
لعب الدور النموذجي
اتباع وتقليد نمط القائد في تحقيق الأهداف المرسومة
القائد الناجح يفرض نفسه كمثال يحتذى به في تصرفاته ومواقفه ليكون مثالا يحتذي به فريقه كقدوة له. ينال هؤلاء القادة إعجاب أعضاء مجموعتهم وهذا ما يدعمهم ويعينهم في اتباع وتقليد هذا النمط في تحقيق الأهداف المطلوبة. تشير الدراسات إلى أنه يمكن للقادة تبني معتقدات معينة ثم نقلها إلى العاملين معهم، الأمر الذي يجعل أعضاء الفريق متفائلين ولديهم معايير عالية في الإدارة والقيادة. يمكن القول أنه لكي تصبح قائداً جيدا، فعليك أن تكون نموذجاً جيدا لنوعية الأشخاص الذين تحب أن يعملوا في فريقك.
الشغف
السعي الدؤوب نحو النجاح
لا يكفي أن يكون القادة مهتمين بإنهاء أعضاء الفريق للمهام الموكلة إليهم، ولكن يجب أن يكون لديهم شغف وحماس كبير من أجل المشاريع التي يعملون عليها. يمكنك تطوير هذه الخاصية في القيادة عن طريق التفكير بطرق مختلفة تعبر بها عن حماسك كالسعي الدؤوب نحو النجاح وتقدير التميز الذي ستحظى به، وعندما يقوم أحد الأشخاص بمشاركة شيء ما مع بقية المجموعة، تأكد من إخبارهم عن تقديرك الكبير لمثل هذه المساهمات من أجل ترسيخ المبادرة وزيادة شغف الموظف لتقدير آخر من قائده.
الاستماع والتواصل بشكل فعال
تعتبر من أهم ميزات القيادة الناجحة هي التركيز على التواصل بشكل شخصي مع أعضاء المجموعة، حيث تتطلب القيادة الفعالة القدرة على إيصال رؤية القائد إلى الأفراد والمدراء على الأخص الذين يشعرون بعد ذلك بالإلهام والاندفاع مع هذه الرؤية. يستطيع القادة، عن طريق الحفاظ على خطوط التواصل مفتوحة، التأكد من أن الأعضاء قادرين على تقديم مساهماتهم والحصول على التقدير لإنجازاتهم. يجب أن يعبر القادة الجيدون عن الاهتمام الصادق بأعضاء مجموعتهم عن طريق التواصل معهم وفتح قنوات تفاهم مباشرة.
إيصال رؤية القائد إلى الأفراد والمدراء على الأخص لإلهامهم
كن إيجابيا
إذا ظهر على القادة شعور الإحباط أو اللامبالاة، فقد ينتقل هذا الشعور إلى الأعضاء، لذلك يجب أن يتمتع القادة الجيدون بموقف متفائل وسلوك إيجابي يشكل مصدر إلهام للعاملين معهم يرفع هممهم في الظروف العصيبة. لا يعني هذا تجاهل الصعوبات والمشكلات، ولكن يعني ببساطة الاحتفاظ بشعور التفاؤل وزرع الأمل في مواجهة التحديات.
رفع الهمم في الظروف العصيبة
التشجيع على طرح المبادرات
يجب على القائد الجيد أن يبين لفريقه أنه يرحب بأفكارهم، حيث يتم النظر غالباً إلى القادة الذين يشجعون العاملين معهم على المشاركة بأنهم ديموقراطيون وتشاركيون. مع الاحتفاظ بالقرار النهائي، يجب على القادة تشجيع فريقهم على أخذ دور إيجابي في وضع الخطط والأفكار. تبين الأبحاث أن اتباع أسلوب ديمقراطي تعاوني في القيادة يؤدي إلى التزام أكبر وإنتاجية أفضل.
اتباع أسلوب ديمقراطي تعاوني في القيادة يؤدي إلى التزام وإنتاجية أفضل
تحفيز أعضاء فريقك
يقوم القادة الناجحون بتحفيز العاملين معهم من أجل تشجيعهم على الانخراط في العمل. على الرغم من أن هذا ليس أمراً سهلاً دائماً، ولكنك لا تحتاج إلى خطابات مطولة من أجل تنشيط أعضاء المجموعة. من الأفكار المحفزة أن تكون شغوفاً بالأفكار والأهداف، وأن تجعل الأعضاء يشعرون أنهم مشاركون بالعمل، وتقديم التقدير العلني بالتحديد والشكر المادي والمعنوي على الإنجازات. يجب على القائد الجيد معرفة أن تقديم التقدير الفعال والمكافآت هي إحدى أفضل الطرق لمساعدة الأعضاء على الشعور بالسعادة والرضا وبالتالي التفاني في العمل، وليس مفاجئا أن يدفعهم هذا الأمر للأداء بشكل أفضل في العمل.
اجعل أعضاء فريقك يشعرون أنهم مشاركون بالعمل
متابعة الجديد
يعمل القائد الناجح على متابعة الأشياء التي كانت ناجحة في الماضي ويركز على للأخص على البحث دائماً عن الطرق الجديدة والمتنوعة لإلهام وتحفيز وتطوير قدرات الموارد البشرية للمنشأة. إن القيادة ليست علاقة باتجاه واحد، بل عملية مستمرة في التطوير والتغيير لكل ما يرفع قدرات المنشأة على المنافسة واستمرار التميز.
البحث دائماً عن الأفكار الجديدة لإلهام وتطوير قدرات فريق العمل
أخيرا
أخيراً، أن تكون قائداً لا يعني إعطاء وفرض الأوامر، وليس هو بناء علاقات فردية مع الموظفين فقط. يتعلق كونك قائداً جيداً ببناء ثقافة راسخة تساعد الفريق على التطور وتحقيق إمكانياتهم الفعلية. وخلق بيئة عمل قادرة بمواردها التطور وتذليل الصعاب. سيكون ذلك صعباً بالتأكيد، لكن في النهاية، يستحق الأمر كل هذا العناء.
بناء ثقافة راسخة
كتب ومراجع مهمة ذات صلة
