يتعاظم استخدام البرامج الهندسية كجزء من التوجه العالمي نحو الأتمتة. وقد تحولت معظم الهيئات والشركات الهندسية عن الحساب اليدوي لصالح برامج التحليل والتصميم الإنشائي، غير أن ما ينبغي التنبه إليه هو ضرورة معرفة ما يمتاز به كل برنامج عن غيره ليتسنى للدارس اختيار الأمثل منها للمهمة المناطة به. في هذه السطور تجد مقارنة بين برنامجي الـSAP 2000 و STAAD Pro. في محاولة لجعل مهام تحليل وتصميم العناصر الإنشائية أكثر سهولة وكفاءة.

لنبدأ..

لا شك أن استخدام البرامج الحاسوبية قد سهل إجراءات التحليل والتصميم الإنشائي إلى حد بعيد. غير أن هذا الاستخدام ينبغي أن يكون استخداماً واعياً مع فهم عميق للمبادئ الهندسية التي يرتكز عليها البرنامج المستخدم، بما في ذلك الافتراضات والاعتبارات الأساسية التي قام عليها البرنامج.

يقود ضعف الإلمام بالأساسيات الهندسية إلى نتائج كارثية. يتوجب دراسة ميزات وعيوب البرامج الهندسية وأفضلية الميزات في كل برنامج عن الآخر. وعلى الرغم من أنها بالمجمل تقوم على الأسس ذاتها إلا أن دراسة معمقة ينبغي أن تجرى لمعرفة مجالات استخدام كل برنامج وجوانب قصوره. يتعاظم التنافس بين البرامج الهندسية التجارية يوماً بعد يوم عبر إضافة المزيد من الميزات وتطوير تلك المتوافرة مع كل نسخة جديدة من البرنامج.

اقترن اسم برنامج ال SAP 2000 بأحدث طرائق التحليل الإنشائي منذ نشأتها عام 1975 من قبل شركة أشرف حبيب الله CSI المعروفة على مستوى العالم بتطوير برمجيات تحليل وتصميم المنشآت الهندسية. تبنت آلاف شركات الهندسة الإنشائية منتجات CSI في أكثر من 100 بلد حول العالم.

و يتخصص كل برنامج تصدره CSI بالتعامل مع نوع محدد من المنشآت. فبرنامج الـ SAP يتعامل مع المنشآت المدنية كالجسور، السدود، الملاعب الرياضية، المنشآت الصناعية والأبنية.

أما برنامج Staad Pro فهو برنامج متعدد الغايات: إذ ينجز عمليات التحليل والتصميم لمختلف أنواع المنشآت الهندسية من خلال خطوات ثلاثة: أ) بناء النموذج، ب) التحليل، و ج) التحقق من النتائج. جميع هذه المهام مدعومة بأدوات مدمجة بالبيئة الرسومية للبرنامج. تم تطوير البرنامج من قبل مهندسين متمرسين من كل أنحاء العالم. وفي الواقع لم تتوقف عمليات تطوير البرنامج على مدى 28 سنة. ترى الشركة المنتجة أنها خيار 96% من الهيئات الهندسة الإنشائية الكبرى في العالم، و 70% من الجامعات الهندسية. يتمتع البرنامج بواجهة رسومية، ومحركات تحليل وتصميم بإمكانيات تحليلية ديناميكية وعناصر منتهية متطورة للغاية.

يدعم البرنامج حالياً أكثر من 70 كوداً عالمياً وما يقارب 20 كوداً أمريكياً. وبعكس البرامج الإنشائية الأخرى؛ يمكن تخصيص البرنامج بحيث يتناسب بشكل كامل مع الاحتياجات التصميمية للدارس. يتضمن البرنامج كافة الإجرائيات المتعلقة بالإدخال أو الإخراج، مثل طلب الحصول على عزم الانعطاف الأعظمي المطبق أو إضافة حمل موزع بانتظام. كما يحوي مكتبة جاهزة من المنشآت الأكثر شيوعاً في الهندسة المدنية كالجوائز الشبكية، الأبنية، الحصائر وغيرها، بحيث يمكن للمستخدم أن يعتمدها بسهولة مع بعض عمليات التخصيص. وهو يتيح للدارس إضافة نموذج /template/ خاص به إلى المكتبة الجاهزة. وفوق هذا وذلك يمكّن البرنامج المستخدم من كتابة برامجه الفرعية بلغة VBA التي يدعمها لتنفيذ أي إجراءات متعلقة بالتصميم، التحميل أو عمليات ما بعد المعالجة.

معايير المقارنة

أ-النمذجة:

تعتبر النمذجة أهم مرحلة من مراحل تحليل وتصميم المنشآت الهندسية وهي تعتمد –عند الاستعانة بالبرامج الحاسوبية- بشكل كبير على الافتراضات الهندسية الأساسية المعتبرة. ففيها تدرج معايير التصميم والبارامترات المطلوبة. إنْ وُفّق الدارس إلى نمذجة المنشأ بالشكل الصحيح فإن ما تبقى لا يعدو كونه عمليات حسابية. وهذا ما يحتم على الدارس بذل أقصى درجات الدقة لدى نمذجة منشأته.

يتيح برنامج STAAD Pro. طريقتين لتوليد النموذج المطلوب وإسناد مختلف البيانات الإنشائية إليها: إما عبر ملفات الأوامر /Command files/ أو عبر الواجهة الرسومية /GUI/.

أما في SAP2000 فيمكن -انطلاقاً من فورم النماذج الجاهزة- توليد مختلف أنواع المنشآت بشكل سريع، كما يمكن اختيار البدء بشبكة محاور فارغة. من الضروري في الحالة الأخيرة تعيين أبعاد الشبكة بدقة لتلبية المتطلبات البعدية للمنشأة المدروسة.

في الجدول أدناه مقارنة لبعض خصائص النمذجة في كلا البرنامجين:

ب-التحليل

لا بد - قبل الشروع بتصميم المنشأة – من تحديد الإجهادات العاملة فيها نتيجة الأحمال الخارجية المطبقة عليها. الأمر الذي يستلزم توافر إجرائية خاصة للتحليل الإنشائي ضمن البرنامج. من المهم للغاية معرفة الطرق الهندسية المعتمدة في الحساب ضمن كل برنامج ليتمكن الدارس من تحديد مدى موثوقية واعتمادية النتائج بالإضافة إلى حدود إمكانية تطبيقها.

يوضح الجدول 2.2 أدناه بعض المزايا التحليلية لكل من البرنامجين المدروسين:

يستخدم كلا البرنامجين طريقة العناصر المنتهية للتحليل. هذا ولا تختلف الكفاءة الحسابية لكلا البرنامجين، كما أن الزمن اللازم للتحليل متقارب.

ت-التصميم

هي الغاية التي تنتهي إليها الدراسة، يختار الدارس في هذه المرحلة المقطع المناسب القادر على تحمل الإجهادات المتوقع تطبيقها على العنصراعتماداً على كودات التصميم المعتمدة.

في الجدول 2.3 أهم ما يمتاز به كل برنامج على الآخر من النواحي التصميمية:

- يدعم كلا البرنامجين عدة كودات للتصميم ويوفرها بقوائمه.

-لا يصمم STAAD. Pro الأعمدة على عكس برنامج SAP 2000؛ غير أن تصميم الأخير للأعمدة اعتماداً على الكود الأوروبي غالباً ما يثير الشكوك بمدى صلاحية النتائج. يبدو أن البرنامج لا يلتزم بمتطلبات الكود الأوروبي بشكل كلي.

- هناك حدود لقبول أبعاد العناصرفيSTAAD Pro. ، هذه القيود غير موجودة في SAP 2000

ث-الإخراج

كلا البرنامجين:

- يقدم عدداً من الميزات الإخراجية التي تمكن المستخدم من الوصول إلى ما يريد من النتائج العامة والجزئية.

- مزود بميزات إظهار حركية مفيدة للغاية خصوصاً عند تقديم العروض.

ربما يتفوق STAAD Pro. بعض الشيء في كون مخرجاته أكثر تنظيماً وتكاملاً، كما أن تقاريره قابلة للتخصيص وهي عالية الجودة، يمكن أن تكون عبارة عن مجموعة من الصور تماماً كالتي تظهر على الشاشة أو تقارير مفصلة. وفوق هذا وذاك يمكن استخدام أداة استعلام مدمجة SQL فعالة جداً لاستخلاص أي معلومات مطلوبة من النموذج مثل قيمة الانتقال العظمى للعقد.

يمتلك SAP2000 بالمقابل إمكانيات عرض رسومية متحركة ثلاثية الأبعاد للمنشأة مع الانتقالات/التشوهات الحاصلة فيها، مع إمكانية حفظ تلك الحركة كملف فيديو بلاحقة AVI مع تمثيل كونتوري للإجهادات المطبقة وغيرها من نوافذ الإظهار المتزامنة الفعالة للمخرجات المطلوبة.

في الجدول أدناه ما يمتاز به كل برنامج على الآخر في مجال إخراج النتائج:

باختصار..

يتبين من خلال العرض السابق جدارة كل من البرنامجين في إنجاز عمليات التحليل والتصميم الإنشائي. كان لكليهما دور كبير في إحداث ثورة في عالم الدراسات الإنشائية، والتخلص من إجراءات الدراسات اليدوية المرهقة مع رفع درجة دقة النتائج.

لم تكن الغاية من المقالة إصدار حكم بأفضلية برنامج على آخر، بل رسم صورة واضحة – بناء على معايير المقارنة المثبتة أعلاه - تمكن المستخدم من اتخاذ القرار باستخدام البرنامج الأنسب حسب الغاية وطبيعة المنشأة المدروسة.

يكمن الاختلاف الرئيسي بين البرنامجين في كون SAP 2000 لا يدرس العناصر الإنشائية المستمرة كالبلاطات، القشريات وجدران القص. والغاية من ذلك فيما يبدو تسويقية بحتة، إذ تدفع شركة CSI المستخدم بهذا إلى شراء البرامج الأخرى الصادرة عن الشركة المتخصصة بدراسة تلك العناصر مثل SAFE.

كتب ومراجع مهمة ذات صلة