الذاكرة ليست جزءًا مادياً من دماغك. إنها وظيفة ذهنية أو مهارة يمكن تعلمها وتحسينها واكتسابها بسهولة. ليس من الصعب جدًا تعلم كيفية الحفظ والتذكر بسرعة وسهولة، ويمكن لأي شخص تدريب وتنمية قدراته على التذكر إذا كان يستخدم الاستراتيجيات الصحيحة.
هناك العديد من التقنيات أو الاستراتيجيات التي يمكنك استخدامها لتعزيز قدرات عقلك على الفهم والربط وتذكر المعلومات، وبالتالي إطلاق العنان للقدرة الطبيعية المذهلة لذاكرتك. نقدم لك فيما يلي بعضاً من هذه الاستراتيجيات التي يمكنك تجربتها، والتي ستساعدك على توسيع ذاكرتك العاملة والوصول إلى الذاكرة طويلة المدى لتحسين الحفظ والتذكر بسرعة وسهولة - بالطريقة الذكية، ويمكن أن تساعدك هذه التقنيات على تذكر بعض المفاهيم لسنوات أو حتى مدى الحياة.
يمكن أن تجد كل هذه الاستراتيجيات مفيدة، أو بعضاً منها، وفقاً لشخصيتك وتعليمك وخبراتك وعقلك أيضاً. لذا عليك تجربة هذه الاستراتيجيات ومعرفة أي منها يصلح لك أكثر من غيرها.
1- اكتشاف وقت ذروة انتباهك وتركيزك
لدينا جميعاً وقت ذروة نكون فيه في أوج نشاطنا وتركيزنا، وقد يختلف هذا الوقت من شخص إلى آخر؛ إذ يكون تركيز بعض الناس في أوجه في الصباح الباكر، في حين تكون ذروة التركيز لدى بعضهم الآخر بعد منتصف الليل؛ يساعدك اكتشاف تلك الفترة في معرفة الأوقات المناسبة لحفظ المعلومت بصورة أسرع وتذكرها فاعلية أكبر.
2- فهم المعلومات
فهم المعلومات أولاً وتنظيمها وتسلسلها يساعد في سهولة تذكرها واستعادتها لاحقاً. إذا وجدت أنك لا تفهم المادة، فخصص بعض الوقت لفهمها قبل محاولة حفظها. على سبيل المثال، إذا كنت تحاول حفظ عناصر المحاسبة، فافهم عملية المحاسبة أولاً ومكوناتها حتى يسهل عليك تذكرها. ولمساعدتك على الفهم، إليك بعض النصائح:
يجب أن تبدأ بقراءة الموضوع قراءة عامة بصورة إجمالية وسريعة للإلمام بمحتوياته قبل الشروع في قراءته تفصيلياً بإمعان.
تقسيم المادة المراد تذكرها أو حفظها إلى عناوين كبيرة رئيسية وتقسيم كل عنوان رئيسي إلى عناوين فرعية أصغر لتكوين صورة إجمالية عامة في ذهنك وتحقيق الترابط بين الأجزاء.
تعرف على النقاط الرئيسية وضع خطاً تحت الجمل الأساسية المطلوبة للحفظ فقط، ويفضل أن تستعمل ألواناً مختلفة، ثم اختر كلمات مفتاحية ولونها بلون خاص وركز عليها، واربط بين الكلمات المفتاحية وسجلها على ورقة منفصلة.
القراءة بسرعة ودون تركيز يجعل فهمك واستيعابك للمحتوى الذي تقرؤه أقل؛ لذلك تمهل قليلاً في القراءة، وراجع المحتوى الذي تقرؤه، ثم تابع.
3- ربط ما تتعلمه الآن بما تعلمته سابقاً
ستجد نفسك تفهم المعلومات وتتذكرها بشكل أفضل من خلال إسقاط المواضيع الجديدة التي تتعلمها على معرفتك السابقة، إذ تزود هذه الطريقة عقلك بالتحفيز الذهني عند ربط المعرفة الجديدة بما تعلمته سابقاً وتساعدك هذا على التعلم وحفظ المعلومات على نحو أسرع.
4- ربط المعلومات بشيء تعرفه
المعلومة المنفصلة أصعب في الحفظ من تلك المرتبطة بغيرها من المفاهيم أو المعلومات بطريقة متسلسلة تسمح للعقل بسردها بمجرد تذكر الخيط الأول منها. قم بالربط الذهني للمعلومات التي تحاول تذكرها بشيء تعرفه بالفعل، وإذا كنت لا تستطيع التفكير في طريقة لذلك، فحاول ابتكار طرق لربطها حتى لو كانت غير منطقية. على سبيل المثال، لنفترض أنك تحاول حفظ حقيقة أن الماء يغلي عند 212 درجة فهرنهايت عند مستوى سطح البحر، وكانت 212 هي أول ثلاثة أرقام من رقم هاتفك. اربط هاتين المعلومتين من خلال تخيل رمي هاتفك في محيط يغلي، وعندها يمكن أن تساعدك هذه الطريقة في حفظ هذه الحقيقة. يمكنك أيضاً ربط أجزاء المعلومات المختلفة معاً بقصة أو أماكن مألوفة لك.
5- الاستراحات الذهنية
هل تعلم أن عقلك يحتاج إلى إيصال إشارات إلى مستقبلاتك الحسِّية من أجل تخزين معلومات جديدة؟ قد يتوقف دماغك عن الاستيعاب تلقائياً عندما تكون قلقاً أو مرتبكاً، أو عندما يكون هناك فائض في المعلومات؛ وهذا ما نلاحظه بين الطلاب خلال تلقيهم محاضرات طويلة، إذ يتوقفون عن الاهتمام بما يُعرَض عليهم بعد فترة معينة. لذا يعد أخذ استراحة ذهنية قصيرة لاستعادة انتباهك وتركيزك من أفضل استراتيجيات التعلم، كمشاهدة السماء وغيومها من بلكون منزلك لمدة قصيرة، أو القيام بشيء يثير اهتمامك لتحفيز عقلك على التركيز من جديد.
6- النوم
تقول الأبحاث أن هناك علاقة بين النوم والتعلم، حيث يساعدك النوم على التعلم بصورة أفضل من خلال تحسين تركيزك، ويساعدك أيضاً على تقوية الذاكرة، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى التعلم. يعزز الحصول على القليل من النوم قدرة دماغك على التذكر بسرعة، كما يمكن للنوم العميق قبل تعلم معلومات جديدة أن يقوي الذاكرة.
تشير الدراسات أيضاً إلى أن الدماغ يعالج المعلومات ويخزنها أثناء النوم.حاول مراجعة المعلومات قبل النوم مباشرة - حتى لو كان لبضع دقائق فقط – وحاول أن تعرف ما إذا كانت هذه الطريقة تساعد في تثبيت المعلومات في ذاكرتك.
7- إجراء اختبار ذاتي
اختبر نفسك بين الحين والآخر حول المعلومات التي تريد تذكرها. لا تقم بمراجعة المعلومات بالنظر إليها وقراءتها سريعاً فحسب، بل اسأل نفسك أسئلة عن المعلومات وأجبر نفسك على تذكر الإجابة دون النظر إلى الورقة أو المادة. سيمكنك هذا من تحديد مجالات ونقاط الصعوبة لديك؛ يمكنك بعد ذلك الاستعانة بإحدى حيل الذاكرة لتساعد نفسك على حفظها. تجنب اختبار نفسك فوراً بعد محاولة حفظ شيء ما. انتظر بضع ساعات، أو حتى يوماً أو يومين، لترى ما إذا كانت ما تزال عالقة بالفعل في ذاكرتك.
8- إنشاء مجموعات من المعلومات ذات مغزى
اربط بين مجموعة من المعلومات كاختصار لمعنى مجمع، على سبيل المثال الربط بالأحرف الأولى أو بالصور المتقاربة أو باللون وهكذا. على سبيل المثال، إذا كنت تحاول تذكر أسماء أنواع الزهور، يمكنك تجميع الحرف الأول من كل زهرة، وبناء كلمة منها مثل جمع أسماء الزهور: زهرة، وردة، اقحوان، ياسمين، اضاليا بكلمة "زوايا". يمكنك أيضاً تقسيم المعلومات إلى مجموعات وفقاً لتشابهها أو تعلقها أو ارتباطها أو أي شيء آخر بحسب المادة التي تعمل عليها.
9- التكرار المتباعد
إن قراءة النص مرات عديدة تجعله مألوفاً، فذاكرتنا لا تلتقط صوراً كالكاميرا. استخدم التكرار لنقل المعلومات والمفاهيم من ذاكرتك العاملة المؤقتة إلى ذاكرتك طويلة المدى. مكن أن تتضمن تقنيات التكرار أشياء مثل البطاقات التعليمية والاختبار الذاتي. عليك أيضاً المباعدة في الزمن بين كل عملية تكرار والتي تليها.
10- كتابة المعلومات وقولها بصوت عال
تحفِّز مهارات الكتابة مناطق مختلفة من الدماغ وتنشطها مقارنة بالقراءة؛ إن تدوين المعلومات عدة مرات وكتابة الملاحظات وتلخيص الأفكار ذات الصلة يدوياً في مفكرتك يساعدك على ترميز هذه المعلومات بشكل أعمق بسبب وجود اتصال مباشر بين أيدينا وعقولنا. أثناء كتابتك لمفهوم تريد أن تتذكره، حاول أن تقول المعلومات بصوت عالٍ وتخيل المفهوم أيضاً فذلك يمكن أن يكون أداة فعالة للحفظ.
11- التطبيق العملي أو شرح ما تعلمته للآخرين
إن كنت تجد صعوبة في شرح مفهوم معين للآخرين، فقد تجد صعوبة أيضاً في حفظ هذا المفهوم والمعلومات ذات الصلة؛ فقد توصلت الدراسات إلى أنَّ الفرد العادي يحتفظ بنسبة 90٪ ممَّا تعلَّمه عندما يعلِّم الآخرين أو يطبِّق الفكرة عملياً على الفور. يمكنك أيضاً اكتشاف نقاط ضعفك عند تطبيق مفهوم معين عملياً أو تعليمه.
12- التشذير Interleaving
التشذير في الأصل هو خلط أشياء شاذة، كأن تضع حبة خرز زرقاء وسط مجموعة خرز حمراء. أما في مجال الذاكرة، فهي فكرة خلط أو تبديل المهارات أو المفاهيم التي تريد حفظها. لقد أثبتت الأبحاث أن التناوب بين المواد المختلفة يمكن أن يكون أكثر فاعلية، خاصة بالنسبة للمواد المتشابهة في طبيعتها ويمكن الخلط بينها بسهولة. على سبيل المثال، اقض بعض الوقت في حفظ المفردات الخاصة بالعلوم ثم انتقل إلى دراسة التواريخ والأسماء لمادة التاريخ. تابع بعد ذلك بممارسة بعض المسائل الحسابية، ثم اقفز مرة أخرى إلى العلوم. لا يقتصر ذلك على المواد المختلفة، لكنه يصلح داخل المادة الواحدة، وذلك بالتناوب بين عدة فصول. قد تبدو هذه الطريقة مربكة في البداية، لكنها تؤدي في النهاية إلى نتائج أفضل من مجرد قضاء فترات طويلة من الوقت في حفظ نفس المفهوم.
13- استخدام التقنيات البصرية والمكانية
التقنيات البصرية والمكانية هي حيل للذاكرة تشمل حواسك الخمس للمساعدة في تثبيت المعلومات. تعد الممارسة الشائعة لاستخدام مفاصل أصابعك لتذكر عدد الأيام في كل شهر مثالاً رائعاً على أسلوب مكاني بصري سهل لمساعدتك على تذكر التفاصيل. يمتلك البشر أنظمة ذاكرة بصرية ومكانية متميزة وعندما تستخدم هذه التقنيات فإنك تستخدم أساليب ممتعة وخلاقة ولا تنسى، بدلاً من الحفظ الممل عن ظهر قلب، وهذا يجعل من السهل رؤية الأشياء التي تريد تذكرها أو الشعور بها أو سماعها. تعمل هذه التقنيات أيضاً على تحرير الذاكرة العاملة وتعزيز ذاكرتك طويلة المدى، وتساعد عقلك على التركيز والانتباه.
وفيما يلي أمثلة على بعض التقنيات البصرية والمكانية:
الصور البصرية: عندمايكون لديك عنصر رئيسي تحتاج إلى تذكره، حاول إنشاء صورة مرئية لتمثيل هذا العنصر. الصور مهمة لأنها تتصل مباشرة بمراكز الرؤية المكانية في دماغك. لكن ليس عليك فقط استخدام الصور- فكلما زادت الحواس الخمس التي يمكنك استخدامها سيكون من الأسهل عليك تذكر المعلومات.
تقنية قصر الذاكرة: تتضمن هذه التقنية تخيل مكان مألوف - مثل منزلك أو غرفة النوم - واستخدامه كمساحة مرئية حيث يمكنك إيداع صور لمفاهيم تريد أن تتذكرها. يمكن أن تساعد هذه التقنية في تذكر العناصر غير المرتبطة، مثل قائمة المشتريات. تخيل مكانك (المنزل أو غرفة النوم) ثم تخيل عناصر من قائمة مشترياتك في مناطق مختلفة حول المكان. مثلاً، تخيل بيضة مكسورة تقطر من حافة الطاولة أو كيساً من التفاح جالساً على الأريكة. مثال آخر، لنقل أنك بحاجة إلى تذكر خطاب. يمكنك تقسيم خطابك إلى نقاط، مثل المقدمة وثلاث نقاط رئيسية للحديث وملخصك وأفكارك النهائية. يمكنك بعد ذلك ربط كل نقطة من هذه النقاط بشيء ما في قصر الذاكرة الخاص بك. يمكن أن يمثل الباب الأمامي لمنزلك مقدمة خطابك، ونقاط الحديث الرئيسية الثلاث الخاصة بك هي غرفة المعيشة والمطبخ والحمام، وقد يكون الملخص هو الباب المؤدي إلى خارج المنزل، ويمكن أن تكون أفكارك الأخيرة هي الفناء الأمامي. بعد ذلك عندما تلقي خطابك، يمكنك أن تتخيل التجول في منزلك عند كل نقطة. إذا كان لديك خطاب طويل - أو كمية كبيرة من المعلومات لتتذكرها - يمكنك تقسيم المعلومات إلى أجزاء أصغر وربطها بأشياء في كل غرفة. قد تستغرق هذه التقنية بعض الوقت لتعتاد عليها، ولكن ستصبح فيما بعد أسرع وأكثر فاعلية.
الأغاني والأناشيد: تستخدم الأغاني أو الأناشيد النصف الأيمن من الدماغ ويمكن أن تساعدك في تذكر الأشياء الصعبة مثل المعادلات والقوائم. يوجد بالفعل الكثير من الأغاني لأشياء عديدة - جرب البحث في غوغل لمعرفة ما إذا كانت هناك بالفعل أغنية أو نشيد للشيء الذي تحاول تذكره، وإذا لم يكن كذلك، فحاول تأليفها بنفسك. مثلاً، إذا كنت تحاول حفظ قائمة طويلة من الأشياء، فألف لها أغنية. لا يشترط أن تكون مقطوعة موسيقية تحصد الجوائز، وإنما الهدف هنا هو ربطها بإيقاع يسهل عليك حفظها به.
الحواس الخمس: حاول تضمين أكبر عدد من الحواس في عملية التذكر، فذلك يساعدك على استخدام أجزاء أكثر من عقلك والاحتفاظ بالمعلومات بشكل أفضل. على سبيل المثال، إذا كنت تدرس لإجراء اختبار تشريح، فاختر نماذج التشريح، وتحسس كل جزء، وقل أسماءها بصوت عالٍ.
تشبيهات أو استعارات بصرية حية: يمكن أن يساعدك هذا ليس فقط على تذكر المفاهيم بل وفهمها أيضاً، خاصة في الرياضيات والعلوم. الاستعارة هي طريقة لإدراك أن شيئاً ما مشابه لشيء آخر. يمكن مثلاً حفظ أسماء بعض الدول بتذكر شكلها أو ميزة تنفرد بها وتشبيه ذلك بشيء مادي، كتذكر خريطة إيطاليا بتشبيهها بالحذاء الطويل. يمكن أن تبقى الاستعارات - وخاصة المرئية منها - معك لسنوات. إنها تساعد على لصق الأفكار في عقلك لأنها تربط بين الهياكل العصبية الموجودة بالفعل.
14- الربط العاطفي
إذا ربطت المعلومات بعواطف معينة ، فهذا يسهل تذكرها. على سبيل المثال، يمكنك ربط معلومات عن مارتن لوثر كينج (محرر العبيد في أمريكا) بعاطفة الشجاعة أو الجرأة أو التحدي.
15- استخدام التكنولوجيا
إن استخدام التكنولوجيا يعد محفزاً قوياً على
التذكر لا سيما لدى الأطفال، لكن يجب الحذر من الإفراط في استخدام التكنولوجيا
بخاصة لدى الأطفال الأصغر سناً مما قد يعيق قدراتهم الفكرية.
كتب ومراجع مهمة ذات صلة